الخميس ، 21 أبريل 2016 ، الساعة 5:01 بتوقيت مكة المكرمة
الرئيسية / أخبار أخرى / ما الذي يحدث بعيدا عن جنيف ومسارات دي مستورا؟

ما الذي يحدث بعيدا عن جنيف ومسارات دي مستورا؟

_72492_us4
بينما كانت أنظار السوريين والمتابعين للقضية السورية تتجه إلى مدينة جنيف السويسرية لمتابعة المسار المتعسّر في جنيف3 أو ما يسمّى مفاوضات تارة ومباحثات تارة أخرى. كان بريت ماكجورك المبعوث الخاص للرئيس باراك أوباما والمسؤول عن ملف محاربة تنظيم دولة الخلافة والمعروف باسم “داعش” في وزارة الخارجية الأميركية يحط الرحال في الشمال السوري وتحديدا إلى مناطق الحكم الذاتي الكردية.

هذه الزيارة، التي جاءت بعد أسبوع من انطلاق “مفاوضات” جنيف3، بدت مثيرة للجدل حيث أحيطت بكثير من الغموض والتعتيم الإعلامي. وكان بريت ماكجورك المبعوث الرئاسي الخاص على رأس وفد عسكري وأمني ضمّ أيضا مسؤولين بريطانيين وفرنسيين، وقام بالحضور إلى المناطق الكردية التي هي تحت سيطرة ميليشيات القوات السورية الديمقراطية، والتقى خلالها مع بعض من المسؤولين الأكراد هناك ومن ثم توجه إلى بغداد ليلتقي المسؤولين العراقيين والأكراد من إقليم كردستان.

العلاقة الأميركية الغامضة

ما زالت الولايات المتحدة تصنّف حزب العمال الكردستاني كحركة إرهابية. وتتفق مع تركيا على ذلك، ولكنها لا تنظر بنفس العين إلى الفرع السوري للـ”بي كي كي”، أي حزب الاتحاد الكردي، الذي يهيمن على الشمال السوري مقيماً تحالفاً عسكرياً وأمنياً واقتصادياً مع نظام الأسد.

ولذلك فقد حطت طائرة المسؤول البارز في مطار الرميلان العسكري في محافظة الحسكة، والذي جهّز ليكون قاعدة عسكرية أميركية تقوم القوات الخاصة باستعمالها في عملية عسكرية ضد تنظيم داعش.

ويعد بريت ماكجورك أرفع مسؤول أميركي يزور سوريا بعد اندلاع الثورة السورية. ولكن هذه المرة دخلها من شمالها الشرقي وعبر مطار عسكري خاص بقوات بلده متجاهلا دمشق ومفاوضات جنيف3.

مبعوث الرئيس أوباما

بريت ماكجورك من ولاية بنسلفانيا، شاب من مواليد عام 1973، تلقى دراسته في ولاية كونيتكت وحصل على شهادة البكالوريوس في الآداب من جامعة كونيتيكت، ومن ثم درس القانون في جامعة كولومبيا وكان أحد كبار المحررين لمجلة القانون هناك وهو حاصل على عدد من الجوائز الأكاديمية في القانون.

مصدر مطلع في واشنطن يقول لـ”العرب” إن زيارة ماكجورك جاءت بهدف محدد، وهو جمع القوات الكردية في العراق (البيشمركة) لخوض معركة ضد تنظيم داعش. ولكن هذه المرة ليس في الشمال العراقي وإنما في مدينة الرقة السورية

عمل ماكجورك في وزارة العدل ككاتب، وفي عدة مناصب لمستويات مختلفة في السلطة الفيدرالية القضائية مع عدد من القضاة المهمّين آخرهم كان رئيس المحكمة العليا القاضي وليام رينكويست. كما عمل القانوني الشاب أستاذاً مساعداً في كلية الحقوق في جامعة فيرجينيا.

في العام 2004، عاد ماكجورك للعمل في القطاع الحكومي كمستشار قانوني لكل من سلطة الائتلاف المؤقتة العراقية وسفير الولايات المتحدة الأميركية في بغداد.

وخلال عمله، صاغ ماكجورك الدستور العراقي المؤقت والقانون الإداري الانتقالي. وأشرف على التحول القانوني لسلطة التحالف المؤقتة إلى الحكومة العراقية المؤقتة برئاسة رئيس الوزراء إياد علاوي آنذاك.

تم نقل ماكجورك إلى مجلس الأمن القومي في العام 2005 ليترأس مكتب الشؤون العراقية والأفغانية هناك. وهو من الذين رأوا حينها أنه من الضروري تغيير السياسة الأميركية في العراق.

يعد ماكجورك من المقربين من الرئيس جورج بوش الابن، الذي وصفه بأنه من فريق المحاربين الشخصي له. وهو قادر على أن يقود استراتيجية جدية تعيد صياغة مسار جديد في الحرب في العراق.

وفي أغسطس 2013 تم تعين ماكجورك نائبا لمساعد وزير الخارجية لشؤون العراق وإيران في مكتب شؤون الشرق الأدنى في وزارة الخارجية. وقام بتقديم شهادات أمام اللجنة العسكرية في مجلس النواب الأميركي تحدث فيها عن التهديد المحتمل لداعش.

وفي 9 يونيو 2014 قام ماكجورك بزيارة إلى أربيل في إقليم كردستان العراق، عندما اجتاحت داعش مدينة الموصل ليظهر في بغداد ويشرف بشكل مباشر على إجلاء أكثر من 1500 موظف أميركي.

وقد قيل إن ماكجورك لعب دورا قياديا في تسهيل تشكيل حكومة جديدة في العراق والتي يتزعمها رئيس الوزراء حيدر العبادي حاليا وهو من قام بإزاحة رئيس الوزراء السابق نوري المالكي.

ويشغل ماكجورك حاليا منصب المبعوث الرئاسي الخاص للائتلاف العالمي لمكافحة تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام في وزارة الخارجية الأميركية.

بولات جان ممثل قوات الحماية الكردية يسلم بريت ماكجورك درعا عليه شعار حزب العمال الكردستاني المدعوم من إيران أثناء زيارته

الحرب في سوريا

قال ماكجورك إنه زار شمال سوريا للإطّلاع على سير المعارك المستمرة ضد الجماعات المتطرفة. وقال مسؤول في قوات التحالف إنه كان قد انضم إلى ماكجورك مسؤولون بريطانيون وفرنسيون في مدينة عين العرب – كوباني، حيث تقوم القوات الكردية بمساعدة التحالف بمحاربة داعش منذ أكثر من عام وتعمل على تسليم المتطرّفين.

ورافق ماكجورك أيضا الجنرال الأميركي ريموند توني توماس، رئيس قيادة العمليات الخاصة المشتركة الأميركية، ومارسيل يتر، وكيل وزارة الدفاع الأميركية للاستخبارات.

وقد أفاد ناشطون في مدينة عين العرب- كوباني، أن إدارة أوباما تعمل مؤخرا على توسيع قاعدة جوية في الرميلان لتكون بمثابة قاعدة عسكرية للقوات الأميركية في شمال سوريا، حيث صرح ناصر حاج منصور، مسؤول الدفاع الكردي في سوريا، لوكالة أسوشييتد برس مؤخرا أن الجيش الأميركي يقوم على تجديد بعض مهابط الطائرات التي بنيت من قبل الحكومة السورية في الماضي لتستوعب الطائرات الصغيرة، هذا التجديد يأتي في حال الحاجة إليه في المستقبل القريب حسب تعبيره.

اعتبرت مشاركة صالح مسلم رئيس حزب الاتحاد الديمقراطي في مؤتمر جنيف3 نقطة خلاف كبيرة بين القوى الإقليمية، خاصة تركيا ووفد المعارضة الذي اعتبره حليفا للنظام السوري.

ويقول بعض الخبراء إن زيارة ماكجورك جاءت لتهدئة مخاوف الأكراد في سوريا بعد استبعاد هذا الجناح منهم، من محادثات جنيف. وأنهم مازالوا جزءاً من العملية السياسية. ولكن الحقيقة أن هذه الزيارة تبدو ذات دلالات أكبر من مشاركة صالح مسلم من عدمها.

اجتماعات بغداد

قام وفد من إقليم كردستان العراقي بزيارة للعاصمة العراقية بغداد جاءت ضمن إطار التنسيق الأميركي- الأوربي وبدعوة رسمية من حكومة رئيس الوزراء حيدر العبادي.

ماكجورك يعرف المنطقة جيدا فقد عمل كمستشار قانوني لكل من سلطة الائتلاف العراقية المؤقتة وسفير الولايات المتحدة الأميركية في بغداد. وخلال عمله، صاغ ماكجورك الدستور العراقي المؤقت والقانون الإداري الانتقالي وأشرف على التحول القانوني لسلطة حكومة إياد علاوي آنذاك

وتهدف الزيارة لمساعدة كل من العراق وإقليم كردستان من الناحيتين العسكرية والاقتصادية، حيث يعتبر الطرفان شريكين هامين للولايات المتحدة الأميركية في حربها على الإرهاب.

ورغم أن زيارة الوفد الكردستاني كانت قد جاءت بضغط من واشنطن على حكومة العبادي، إلا أن مصدراً مقرباً من الرئيس مسعود البارزاني رئيس إقليم كردستان قال لـ”العرب” إن زيارة البارزاني لدول الخليج وخاصة المملكة العربية السعودية والذي استقبل من قبل العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز استقبال الرؤساء حينها، اعتبرت ذات أهمية كبيرة وتجعل من العراق بشكل عام وإقليم كردستان خاصة جزءاً من التحالف الدولي ضد الإرهاب وليس حليفا له فقط.

اجتماعات وفد حكومة كردستان برئاسة نيجيرفان البارزاني رئيس وزراء الإقليم مع مسؤولين عراقيين كبار ومع ماكجورك مبعوث الرئيس الأميركي والسفيرين الأميركي والبريطاني في بغداد، جاءت لإيصال عدد من الرسائل، منها ضمان حصة الإقليم من المساعدات والتي تقدر بـ17 بالمئة من قيمة المساعدات المقدمة للعراق، والتزام الولايات المتحدة الأميركية بدعم حلفائها من الدول ومنها إقليم كردستان والذي تضرر من انخفاض أسعار النفط لضرب كل من إيران وروسيا.

مصدر مطلع في واشنطن قال لـ”العرب” إن زيارة ماكجورك جاءت بهدف محدد وهو جمع القوات الكردية في العراق (البيشمركة) لخوض معركة ضد تنظيم داعش. ولكن هذه المرة ليس في الشمال العراقي وإنما في مدينة الرقة السورية. وقد تقوم الولايات المتحدة الأميركية بتأمين مساعدات مالية لقوات البيشمركة خلال الفترة القليلة المقبلة.

وقيل إنه كان من نتائج الزيارة تقديم ضمانات بعدم التعرّض لقوات البيشمركة في الشمال السوري من أيّ طرف من الأطراف وتحديد مواقعهم لحمايتهم من الطيران الروسي.

طائرة المسؤول البارز حطت في مطار الرميلان العسكري في محافظة الحسكة، والذي جهز ليكون قاعدة عسكرية أميركية تقوم القوات الخاصة باستعمالها في عمليات عسكرية مستقبلية ضد داعش

البارزاني والذي أصبح أقرب للمحور العربي الذي يضم الرياض، أبوظبي والقاهرة وبعلاقاته المنفتحة على الأتراك، ورغم كل الضغوط الإيرانية التي تعرض لها إلا أنه كان قد حسم موقفه من النظام السوري.

ومن الواضح أنه سيلعب دورا كبيرا في المستقبل القريب في التغيرات الحاصلة في المنطقة، رغم كل التطمينات التي قدمت لصالح مسلم وقوات الـ”بي دي” وذلك عبر وعد بلعب دور ما في المستقبل، وأن القضية الكردية وحق الأكراد السوريين هو أمر هام لواشنطن.

الحدود السورية التركية

رغم تقدم قوات الوحدات الشعبية الكردية المعروفة بالـ”واي بي جي”، وقدرة جيشها على السيطرة على أكثر من نصف الحدود السورية مع تركيا، وهو خط الإمداد الرئيسي لتنظيم داعش عبر معبر تل أبيض شمال الرقة وذلك بدعم طيران التحالف الدولي والسيطرة بشكل كامل على المنطقة الواقعة بين نهري دجلة والفرات، فإنه لم يبق لقوات الوحدات الشعبية الكردية سوى أقل من 100 كيلومتر فقط غرب جرابلس على الفرات، لتغلق خطوط إمداد المعارضة المسلحة في منطقة عزاز في حلب.

تركيا حذرت قوات الـ”بي دي” من تجاوز الخط الأحمر في منطقة غرب نهر الفرات. ولكنها لم تعترض عند استيلاء القوات ذاتها مع قوات سوريا الديمقراطية على سد تشرين على نهر الفرات والذي اعتبر تهديداً مباشراً لمنبج.

واليوم تعترض أنقرة وبشكل كبير على احتلال تلك القوات لبعض الأراضي الاستراتيجية في شمال حلب وربطها بالجيب الكردي في عفرين. ومن هنا قد تفهم زيارة ماكجورك إلى الشمال السوري وبغداد كتهدئة لأنقرة وتوريط لروسيا أكثر في المستنقع السوري وفتح جبهة عسكرية مباشرة مع داعش ضمن أنباء عن طلب وزارة الدفاع (البنتاغون) ميزانية 7.5 مليار دولار لمحاربة تنظيم الدولة في عام 2017.
العرب 

Print Friendly

اضف رد