أتصور أن الخبر الذي انتشر عن فرض حكومة النظام ضريبة بقيمة 20 ليرة على سندويشة الشاورما، كرسم إعادة إعمار، هو خرافة تشبه من يريد أن يبني مدينة كاملة من حبات الرز، لكن من جهة أخرى يمكن فهمه على أنه محاولة من النظام لإعادة تدوير مسميات الرسوم والضرائب، وكي لا يقال أنه يريد أن يمول العجز في موزانته من خلال سندويشة الشاورما..
النظام، ومن أجل الحصول على الإيرادات، بدأ يفكر بهذه الطريقة البسيطة: أن ما تبقى من السوريين، لا بد وأن يأكلوا خلال عام ما يعادل 20 مليون سندويشة شاورما، ما يعني أن الإيرادات المحققة تساوي 400 مليون ليرة.. فيضعها في موازنة إحدى الوزارات، ويخبر تلك الوزارة أن تغطية نفقاتها سوف تكون من ضرائب سندويشة الشاورما.. ومهمتها في هذه الحالة إقناع الناس بأكل المزيد من الشاورما من أجل أن تزيد إيراداتها..
هذه ليست نكتة، لكنها الحقيقة التي بدأت تدار بها مؤسسات النظام، حيث أن لكل وزارة بات هناك مطرح ضريبي تمول موازنتها من خلاله.. واليوم مهمة كل وزارة أن تقترح ما تراه مناسباً من الرسوم والضرائب لتمويل نفسها، وإلا لن تجد ما تدفع به رواتب موظفيها في الفترة القادمة..
لقد زاد النظام الطين بلة، بإعلانه عن موازنة تقدر بنحو 2000 مليار ليرة، للعام 2016.. وهي تشكل نفقات الحد الأدنى لمؤسساته.. لكنه اكتشف لاحقاً أن جميع الإيرادات المتوقعة لا تغطي أكثر من 20 بالمئة من هذه الموازنة.. فماذا يفعل حيال هذا الأمر..؟!، الوصفة السحرية هي فرض المزيد من الرسوم والضرائب ورفع أسعار المواد الأساسية التي يتحمل عبئها بالدرجة الأولى الإنسان البسيط وذو الدخل المحدود.. وفي هذه الحالة، وعندما تزيد الرسوم والضرائب عن حدها، فهي لم يعد اسمها رسوم وضرائب، وإنما أصبحت أتاوات..!!
اليوم تتعرض حكومة الحلقي للانتقاد الشديد بسبب انتهاجها لهذه الطريقة في تمويل ذاتها، وبأنها لا تحاول البحث عن موارد إنتاجية.. وهي نكتة سمجة يراد من خلالها تنفيس البطون المنتفخة من القهر.. لكن أعتقد، لو تولى حكومة النظام كبار الاقتصاديين في العالم، وتم وضعهم بنفس الظروف، فلن يكون بوسعهم فعل أكثر مما تفعله حكومة الحلقي.. وأظن، زيادة على ذلك، أنه سوف تعجبهم كثيراً ضريبة المجهود الحربي، التي ظل السوري يدفعها لأكثر من أربعين عاماً، وتبين في النهاية أنها لقتله.. فما أحلى القتل بضريبة سندويشة الشاورما..
اقتصاد مال وأعمال السوريين