الجمعة ، 22 يناير 2016 ، الساعة 1:02 بتوقيت مكة المكرمة
الرئيسية / أخبار أخرى / اغتصاب في المعتقل

اغتصاب في المعتقل

اغتصاب

ريم عبد الكافي:سوريا مباشر

أنا وفاء كنت ممن خرجوا في بداية الثورة ،للمشاركة في المظاهرات السلمية ،وجعلت أوثق بقلمي كل ماأراه وأسمعه من أحداث، ولكني لم أكن أعلم أن هذا القلم سوف يقودني إلى سراديب الزنازين والمعتقلات ، كنت أصور المظاهرات وجنازات الشهداء ،تجتاحني غصة من الوجع كلما رأيت جنازة شهيد قتل قنصا أو تحت التعذيب، كنت أشعر بأوجاع مدينة تزور جسدي ،تكتسح كياني، تشبعه برودة وقهرا، ولكن قطار الحزن سيوقفني في محطات أكثر وجعا وإيلاما ،منذ بدأمسيرته نحو مدينتي .

بعد العام والنصف تم اعتقالي من منزلي ،دخلت فرقة المداهمة مدججة بالسلاح،وضعوا عصبة فوق عيني وكأني أحد الأرهابيين ، الذين يهددون أمن العالم ،قادوني إلى فرع الأمن السياسي ،هناك أخذت نصيبي من الصفع والشتائم ،ثم تم تحويلي إلى فرع الأمن العسكري ،في هذا الفرع نسيت فواجعي السابقة ، فما رأيته أنساني أي ألم ذقته ، ليس الفرح وحده ينسيك آلامك ،ولكن هناك انكسارات تشردك عن كل ألم أو فرح قبلها.أدخلوني على محقق في الستين من العمر،يشي وجهه على جموده بحقد دفين ،وسواد الغدر ،حاول نزع اعتراف مني بضربي في  عدة أماكن من جسدي ،ولكني آثرت الصمت ،وبدماء كادت تغطي مابقي من معالمي ،جروني إلى قبو بارد موحش ،تتناثر الزنازين على جانبيه ،شعرت وأنا أمر فيه أني أعبر في الفراغ ،نحو عالم آخر ،عالم الموت الرهيب ،خواء موحش يلفه ،وحده الحزن يستوطنه ،يرسم معالمه، رمى بي السجان داخل أحد الزنازين الرطبة ،عبرها الآلاف قبلي وجاء دوري لأعبرها ،كأنه قدر كل الشرفاء في أوطاننا ،كانت عيون مايقارب الثلاثين امرأة تحدق بي ،بوجوه كئيبة رسم الخوف لوحاته عليها ، واستوطن اليأس أجسادهم النحيلة ،ومع الأيام ربطتني بساكنيها علاقات أنسانية قوية ، فقد كنا نتشارك الظلم والخوف وكسرات الخبز والمياه العكره ، لن أنسى ماحييت تلك الفتاة ذات الثلاثة عشر ربيعا ،بشعرها الكستنائي الذي يخرج من طرف حجابها الوسخ،كانت على قدر كبير من الجمال ،جعلنا نخشى عليها عيون السجان التي تلاحقها كلما مر أمام زنزانتنا،علمت لاحقا أنها مصابة بالسل بسبب سوء الأوضاع الصحية ،وهذا ماحماها من أن تقع فريسة لهؤلاء الوحوش الذين لايتورعون عن فعل أي شيء ، وكان معنا امرأة حامل شديدة النحول ،تعاني من نزف دائم ومع الحرمان من الفوط الصحية ،كنا نستعين ببعض قطع الثياب نمزقها من مانرتديه ، ولكنها لم تستطع الصمود طويلا فقد فارقت الحياة على عجل ،وهي في الشهر السادس من الحمل ،في يوم نادى السجان باسمي ،وأخذني إلى الحمام وأعطاني ثيابا نظيفة ،وطلب مني الاستحمام ،شعرت بالفرح هل سيطلق سراحي ؟فهذا ليس يوم استحمام السجينات ،كانت الخواطر تأخذني يمنة ويسرة ،ولكن ماحدث هو الشيء الوحيد الذي لم يخطر ببالي ،أخذني السجان إلى غرفة التحقيق وكانت الساعة فد تجاوزت السادسة مساء ، دخلت وكان المحقق قد خلع بذته العسكريه ، طلب مني أن أشرب القهوة معه فرفضت معتذرة لاني لااأحبها ،هنا بدأ بالاقتراب مني ،خلع حجابي بمخالبه ،وبدأ يلعب بشعري ،وقفت منتفضة ،عندها تحول إلى وحش كاسر ،لم تنفع كل توسلاتي له ،حاولت الهرب ولكن إلى أين ،كفريسة وقعت بين يدي وحش ،كنت أصرخ وهو يكمم لي فمي ليس خوفا ولكن لعدم ازعاجه ،أحسست بعبوديتي بضياع أنسانيتي ، شخصت عيناي دون أن أبكي ،فالحزن أكبر من أن تبكيه العيون ،أنا لاشيء ، أنا اسم ضائع في بلاد الضياع ،ذليلة في بلاد العبيد ، أردت أن أصرخ شعرت أن الصراخ وحده جدير بفاجعتي ،وبعد مايقارب الشهرين تم إطلاق سراحي ،كنت أعبر الوجوه ،مازالت الرغبة بالصراخ تجتاحني كلما رأيت شابا أو رجلا يعيش يومه دون أن يكترث لما يحدث ،لأصرخ في وجهه أغضب لألاف المعتقلات ، أغضب فماعاد في العيش متسع للفرح ،وهل يستقيم الذل مع الفرح ،أغضب بالله عليك شيء من الغضب.

Print Friendly

اضف رد