منير المماوي
بثت شبكة “سي إن إن” الأميركية أمس، الأحد، مقابلة مثيرة مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، شبّه فيها سورية بـ “هامبتي دمبتي” لا يمكن إصلاحها، أو إعادة تركيب أجزائها مرة أخرى، معتبرا أن أفضل نتيجة يمكن التوصل إليها هناك، هي إيجاد نوع من “البلقنة الحميدة”، لتفادي بلقنة حتمية عن طريق العنف.
ورأى نتنياهو في المقابلة، التي أجراها معه المحاور الأميركي، فريد زكريا، في دافوس، أن إيران وتنظيم “الدولة الإسلامية” (داعش) وجهان لعملة واحدة، يشكلان خطرا مشتركا على إسرائيل وعلى العرب، زاعما أن العرب سيضطرون في نهاية المطاف إلى طلب العون من إسرائيل لمواجهة هذين الخطرين، وأن ذلك قد يؤدي إلى تقارب عربي إسرائيلي قد يقود إلى حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
واعتبر نتنياهو، أنّ إيجاد حلول لمشكلات إسرائيل مع الدول العربية هو الطريق المؤدي لحل القضية الفلسطينية، وليس العكس. وقال: “إن الفرق بين إيران داعش كالفرق بين الخلافة والإمامة، حيث أن داعش قد حدد زمان ومكان الخلافة التي يريدها (الآن وهنا)، في حين أن إيران والمليشيات الشيعية التابعة لها، تريد الإمامة لاحقا، عندما يعود الإمام الغائب في مكان غير محدد مسبقا”.
وقال: “إن لدى كلٍّ من الطرفين، للمرة الأولى، طموحاً للهيمنة على كامل المنطقة، ثم الهيمنة على ما وراء المنطقة، لكن خطر داعش أصبح واقعا معاشا في حين أن الخطر الإيراني لا يزال مؤجلا”، وبالتالي فإن مواجهة الخطر الوشيك يجب أن تحظى بالأولوية لمنع استفحاله.
اقرأ أيضاً: ارتباك إسرائيلي بتحديد الأخطار الاستراتيجية… من إيران إلى “داعش”
وأشار نتنياهو إلى أن تنظيم “داعش” له ثلاثة مكونات، هي الأراضي التي استولى عليها، والمال الذي يمول به التنظيم أنشطته، بالإضافة إلى الرؤوس التي تدير أفكاره المدمرة، ولذلك فإن هزيمة التنظيم أمر قابل للتحقيق، عن طريق ضرب النفط، الذي يجلب للتنظيم أكثر من نصف إيراداته، وضرب الرؤوس القيادية في مركزين عصبيين حساسين هما الرقة والموصل فقط، ولا يتطلب الأمر شن الحرب على كامل سورية والعراق”.
وأضاف: “أعتقد أن مسؤوليتي الأولى هي ضمان سلامة وأمن الدولة اليهودية الوحيدة في هذا العالم، وهي مهمة ليست سهلة، ولكن إذا عدنا للوراء 60 عاما أو 70 عاما فكما تعلمون، لم يكن عدد اليهود هنا يتجاوز أقل من مليون نسمة بكثير، واليوم أصبح لدينا ثمانية ملايين. وبنينا جيشا يمكن أن ندافع به عن أنفسنا، وأيضا يمكن أن نقدم قدرا من الاستقرار في منطقتنا”
وأسدى نتنياهو خدمة ثمينة للدعاية السياسية الإيرانية، الزاعمة بأن إيران في مواجهة مع إسرائيل وليس مع العرب، حين استرسل في الحديث عن الخطر الإيراني قائلا: إن “قادة إيران لا يزالون حتى بعد توقيع الاتفاق النووي مع الغرب، كما كانوا قبل الاتفاق وفي أثناء المفاوضات، يهددون بمحو إسرائيل من على وجه الأرض، وإبادة 6 ملايين يهودي وينكرون المحرقة”.
كما لفت إلى أن “إيران تمول حزب الله اللبناني بمليار دولار سنويّاً، وزودت الحزب بـ 100 ألف صاروخ وآلاف الصواريخ الموجهة بدقة، كما تزود حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بـ نحو 100 مليون دولار سنويا لغرض قصف إسرائيل”.
واعتبر أن “حزب الله وحماس يشتركان مع إيران في هدف تدمير الدولة اليهودية، وأن هذا مبعث قلق حكومته”.
ورفض نتنياهو الإقرار بامتلاك إسرائيل أسلحة نووية أو نفي ذلك، مكتفيا بالقول إن إسرائيل لا تهدد إيران بالقضاء عليها، بل إيران هي التي تصدر منها التهديدات، وبالتالي فإن المشروع النووي الإيراني كان ولا يزال مبعث قلق كبير في إسرائيل.
وحاول نتنياهو في أثناء المقابلة اللعب على ورقة الخطر الإيراني، الذي يهدد إسرائيل ويهدد العرب في وقت واحد، ملمحا إلى أن خطر تنظيم “داعش” أدى إلى عودة التقارب بين إسرائيل ونظام الرئيس المصري، عبدالفتاح السيسي، وأنه يأمل أن يؤدي الخطر الإيراني إلى خلق تقارب مماثل بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية.
وفي مفهوم نتنياهو، فإنّ الخطوات الإصلاحية في السعودية معناها أن تقدم على ما أقدم عليه كثيرون في العالم العربي، بالتعامل مع إسرائيل كحليف وليس كعدو لمواجهة اثنين من التهديدات الرئيسية المشتركة. الأول هو إيران، والثاني هو “داعش”.
وأضاف: “إذا كنت أقرب إلى الخليج الفارسي، فخطر إيران يأتي أولا. وإذا كنت أقرب إلى مصر وشمال أفريقيا فخطر داعش يأتي أولا”.
وخلص نتنياهو إلى القول: “من الواضح أن إسرائيل والدول العربية السنية ليست على طرفي نقيض”، وهذا هو الأمر الطبيعي الذي سيبعث التطبيع من سباته، حسب ما يأمل نتنياهو في التوصل إليه، أو ما يزعم أنه يأمل في التوصل إليه.
العربــــــــــي الجديد