يحقق الجيش السوري بغطاء جوي روسي تقدما على عدة محاور في جنوب البلاد وشمالها، في خطوة من شأنها أن تزيد من صعوبة استئناف العملية السياسية.
وتطالب المعارضة بوقف القتال، كإجراء حسن نية قبل بدء أي مفاوضات مع النظام.
ونجح الجيش السوري في التقدم جنوبا في إطار سياسة القضم التدريجي التي ينتهجها، حيث تمكن من السيطرة على بلدة عتمان في ريف درعا الشمالي.
وكان الجيش قد سيطر مؤخرا على بلدة الشيخ مسكين الاستراتجية والتي مكنته من تأمين الإمدادات من العاصمة باتجاه الجنوب.
ولا تزال المعارضة تسيطر على معظم ريف درعا، إلا أن محللين يرون أن التطورات الأخيرة وتكثيف الطيران الحربي الروسي القصف قد يفقدها إنجازاتها في هذا الشطر.
وفي الشمال تمكنت وحدات من الجيش الجمعة من السيطرة على بلدتي رتيان وماير الاستراتجيتين في ريف حلب الشمالي.
وهناك محاولات حثيثة من فصائل المعارضة لاستعادة بلدة رتيان، وسط تأكيدات بسقوط أكثر من 120 قتيلا من الطرفين.
وقال قائد مجموعة من المعارضة السورية المسلحة المدعومة من الولايات المتحدة، الجمعة إن “القوات الحكومية السورية تحاصر ريف حلب الشمالي بالكامل”.
وأوضح حسن الحاج علي قائد لواء صقور الجبل التابع للجيش السوري الحر والذي تلقى تدريبا عسكريا أميركيا في قطر والسعودية أن “الغطاء الروسي مستمر ليل نهار وهناك أكثر من 250 غارة في اليوم الواحد على هذه المنطقة”.
ومضى قائلا “النظام يحاول الآن توسيع المساحة التي سيطر عليها. وريف حلب الشمالي بات محاصرا بالكامل والحالة الإنسانية صعبة جدا”. ودعا الدول التي تدعم معارضي النظام السوري إلى إرسال المزيد من المساعدات العسكرية بما فيها الصواريخ المضادة للطائرات وإن لم يبد تفاؤلا حيال الشق الأخير.
وقال “نحن نطالب بشكل يومي بزيادة الدعم ولكن موضوع مضاد الطائرات أصبح حلم كل سوري. الحلم الذي لن يتحقق”.
|
وتُعد صواريخ تاو أميركية الصنع المضادة للدبابات السلاح الأكثر فعالية في ترسانة مقاتلي المعارضة وتم تزويد فصائل مقاتلة محددة بها في إطار برنامج دعم عسكري تشرف عليه وكالة المخابرات المركزية الأميركية.
لكن على الرغم من أن هذه الصواريخ ساعدت مقاتلي المعارضة على إبطاء تقدم الجيش السوري على الأرض فإنها ليست فعّالة أمام القاذفات المقاتلة.
وجراء هذا القتال المحتدم في محافظة حلب اضطر الآلاف من المدنيين الجمعة إلى الفرار باتجاه الحدود التركية.
وفر نحو أربعين ألف شخص على الأقل، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان، منذ الإثنين من بلدات ريف حلب الشمالي.
وأفاد مدير المرصد رامي عبدالرحمن بأن هناك “حركة نزوح كبيرة للأهالي من بلدات عندان وحريتان وحيان وبيانون التي تسيطر عليها الفصائل المقاتلة”، هربا من القصف وخشية سقوط مناطقهم في يد الجيش. وأضاف “باتت هذه البلدات شبه خالية من المدنيين”.
وبثت وكالة “شهبا برس” المحلية في حلب شريط فيديو ليل الخميس للمئات من النازحين المتجهين نحو الحدود التركية. وبدا أحدهم وهو يسأل بانفعال “أين العرب؟ أين الإسلام؟ أين تركيا؟.. يا سعودية يا قطر، الشعب السوري يهان”.
وبقيت الحدود من الجهة التركية مقفلة الجمعة.
وقال نشطاء إن الوضع هادئ عند معبر أونجوبينار المقابل لمعبر باب السلامة في سوريا، ولم يكن هناك أي دخول أو خروج عبر المعبر مسموحا من الجهة التركية.
واتهمت تركيا التي تستضيف نحو 2.5 مليون لاجئ سوري حلفاء النظام السوري بالمشاركة في “جرائم الحرب أيضا”، في إشارة إلى روسيا. وأعلن رئيس الوزراء التركي أحمد داودأوغلو الخميس أن “عشرة آلاف لاجئ جدد ينتظرون عند بوابة كيليس (بلدة تركية حدودية) بسبب الغارات الجوية والقصف على حلب”، مضيفا أن “بين 60 و70 ألف شخص يتحركون من المخيمات شمال حلب نحو تركيا”.
وتمكنت قوات النظام السوري الخميس مدعومة بقصف جوي روسي كثيف من قطع طريق إمداد رئيسية للفصائل المقاتلة المعارضة تربط مدينة حلب بالريف الشمالي حتى تركيا. ويعد هذا التطور الأبرز ميدانيا في محافظة حلب منذ العام 2012.
واعتبر الباحث في معهد الدراسات الاستراتيجية أميل حكيم أن “مسار الفصائل انحداري على نحو متزايد” لافتا إلى أنها “تتراجع في كل مكان إذ لم يعد هناك من خط مواجهة رئيسي إلا وانسحبت منه”.
العرب