ريم عبدالكافي – سوريا مباشر
كانت أنفاسه لاهثة ،وصدره ضيقا ، يحاول أن يلتقط من النفق المعتم ماتبقى من هواء ، كما يحاول أن يلتقط من حياته ماتبقى من كرامة ، فكل شيء يهرب منه علمه أصدقائه وقد غيبهم الموت ، ملأت حبات العرق وجهه البريء ، وكانت ركبتاه تؤلمانه بعد ساعة من المشي البطيء، وسام فتى في الصف السادس ، ترك مقاعد الدراسة بعد أن هدم القصف مدرسته ، وعمل مع أخيه في تهريب الطعام والدواء لأهل قريته ، بعد أن حاصرها النظام ، ومنع عنها كل مقومات الحياة ، كان لابد أن يحفروا في الصخر ، ليبعدوا شبح الموت عن مئات الأطفال والكهول ، ففي بلد يحرم مواطنيه من الطعام والدواء ، تعتبر الطفولة رفاهية لا مبرر لها ، وعلى أطفاله أن يكبروا بسرعة أن يشيخوا قبل الأوان ، كانت الأفكار تتصارع في رأسه ، عندما انتبه إلى أخيه يقول لصديقه : ” الله ييسر ونجيب الأكل والدوا قبل المغرب” . وهو يتقدم بخطى متثاقلة وظهر منحني لضيق المكان ، رأى الضوء في نهاية النفق ، وتخيل للحظة أن هذا الضوء هو نهاية آلامه وآلام أسرته ، ولكنه عندما وصل إلى نهايته ، لم تستطع عيناه الرؤية جيدا فقد اعتادت الظلام ، ولكن يدا ضخمة أمسكت برقبته ، و صفعة قوية على وجهه ، كانت كفيلة بأن تعيد إليه نظره ،
” ياابن الكلب بدكن تاكلوا والله لنربي صغيركن قبل كبيركن ” قتل وسام ليلحق بأحلامه التي اغتيلت قبله .