مروة هاشم: سوريا مباشر
حيثما تجولت في شوارع تركيا ، كان لزاماً أن ترى تلك الأجساد الصغيرة التي تحمل أعباء الرجال ، هم أطفال سوريون دفعوا الثمن الأكبر لصراع كان أقل آثاره الوخيمة عليهم أن جردتهم من طفولتهم وحملتهم مسؤولية تأمين مسلتزمات الحياة لعائلاتهم التي فقدت المعيل .
“لازم أصحى كل يوم بكير أنا وإخواتي مالحتى نروح على المدرسة متل كل الأولاد بس لحتى نشتغل ونأمن آجار البيت والمصروف ” بهذه الكلمات لخصت آية – ذات العشر أعوام – مأساتها ومأساة شريحة كبيرة من الأطفال السوريين الذين يعيشون ظروف مشابهة لها، هي فتاة من حي بعبدين من مدينة حلب استشهد والدها برصاص قناصة جيش النظام ، خسروا كل شيْ ، فاضطروا للسفر إلى مرسين لكسب لقمة عيش تسد جوعهم وتبقي أجسادهم على قيد الحياة .بجسدها النحيل وراحتيها الصغيرتين تتجول مع أختها التي تصغرها بعامين وأخيها الأصغر ذو السبع أعوام ، في المناطق المكتظة بالناس حاملين بأيديهم المناديل الورقية ويحطون من شخص لآخر طالبين منهم شراء ولو قطعة ، تركت الشمس والعوامل الجوية آثاراً قاسية على وجوههم الغضة تحكي قصة ألم أرهقت أرواحهم البريئة .
تلجأ الكثير من الأسر السورية التي خرجت من الداخل السوري صفر اليدين وبدون معيل إلى الاعتماد على أطفالهم لسد المصاريف المترتبة عليهم في بلد اللجوء من آجار منزل وغذاء وفواتير ماء وكهرباء ، ففي إحصائيا ت الأمم المتحدة حول عدد السوريين اللاجئين في تركيا أنه تجاوز 1,9 مليون لاجئ سوري نصفهم من الأطفال ، وكنتيجة طبيعية لعمالة عدد كبير منهم فإن 50 % منهم متسربين من المدارس حسب منظمات مدنية ، ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل تعداه لقيام مجموعة من الأفراد بتشكيل عصابات تقوم بتوظيف أطفال في مهام تسولية وجني الأموال من ورائهم .
يقول أحد السوريين الذين لفتت نظره ظاهرة انتشار الفتيات الصغيرات والفتيان في الأسواق والشوارع” إن أبنائنا وبناتنا يتعرضون لمخاطر كبيرة نفسية وجسدية وتصل أحياناً إلى اعتداءات جنسية الأمر الذي ينذر بكارثة مستقبلية لأهم فئة ترسم مستقبل سوريا وياله من مستقبل ”
وفي الحديث مع إحدى المؤسسات الخيرية السورية التي تعنى بأوضاع اللاجئين السوريين في مرسين أفادنا بأن عدد المحتاجين للدعم المادي في تزايد مستمر و شهدنا حالات فقر مدقع لم يعرفها السوريون منذ عقود نحاول تقديم المساعدة حسب معايير ونركز دعمنا على العائلات الأشد فقراً ، وأضاف أنه ومن خلال متابعتنا لكثير من الحالات وجدنا أن هناك بعض الأسر تمتهن التسول وتستخدم أطفالها كطعم لترضي جشعهم ، وخاصة بغياب الرقابة الاجتماعية من أقاربهم ومعارفهم .
حرب أنهكت الجميع وأخرجت من المشاكل الإنسانية ماكان موجوداً فقط في مخيلة كتاب الروايات البائسة ، فهل ستتدخل الدول العظمى في استئصال منشئها أم ستبقى متفرجة في الصفوف الأمامية لمسرحية ربما تنتهي بلفحها .