سارعت إيران، الثلاثاء، إلى نفي التقارير الإسرائيلية بشأن تجميد روسيا صفقة منظومة الصواريخ “أس 300”، التي تنوي مدها لطهران، بسبب دعم الأخيرة السري لحزب الله اللبناني، وسط تكتم روسي.
ونقلت وكالات أنباء إيرانية عن منصور حقيقت بور، رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني قوله إن “ادعاء تجميد روسيا صفقة منظومة صواريخ أس 300 مع إيران غير صحيح”، مشيرا إلى أن العلاقات الدفاعية بين البلدين استراتيجية.
ولم تعلق موسكو عن هذا الأمر، بيد أن مراقبين رجحوا إقدامها على هذه الخطوة وربطوا ذلك بموقف الكرملين حينما كشف منتصف الشهر الماضي عن وجود مشكلة تحول دون تحديد موعد للشروع في تسليم منظومات الدفاع الجوي الصاروخية الروسية إلى إيران.
وكان المتحدث باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف، قد قال “لا يوجد موعد بعد لأن هناك مشكلة تتعلق بدفع القيمة وغير ذلك. ولم يتم دفع قيمة الصفقة كما ينبغي بعد. ولهذا فالحديث عن المواعيد المحددة سابق لأوانه”.
ويأتي هذه التطور بعد أن ضبطت سفينة تابعة للبحرية الأسترالية كمية كبيرة من الأسلحة التي يُشتبه أن مصدرها إيران كانت متجهة إلى اليمن عن طريق الصومال، حسبما أعلنت السلطات الأسترالية، الاثنين.
وكشفت مصادر إسرائيلية في تصريحات لصحيفة معاريف وأكدته القناة العاشرة الإسرائيلية أن الرئيس فلاديمير بوتين أصدر قرارا، الأحد الماضي، بتجميد تسليم إيران المنظومة “بناء على طلب إسرائيلي”.
وقالت إن القرار الروسي جاء عقب اكتشاف موسكو عدم التزام طهران بعدم تزويد حزب الله اللبناني، الذي أدرجته مؤخرا دول عربية في مقدمتها السعودية ضمن لائحتها للإرهاب، بأسلحة روسية متطورة.
كما أشارت أيضا إلى أن إسرائيل قدمت لموسكو إثباتات وتقارير تؤكد قيام إيران بنقل أسلحة روسية متطورة لحزب الله عدة مرات بينها أنظمة صواريخ “أس 22” المضادة للطائرات، لكن لم يتضح متى تم تزويد الروس بتلك المعلومات.
ومن غير الواضح ما إذا كانت موسكو قد اقتنعت بأدلة إسرائيل المأخوذة من تقارير استخباراتية من الطيارين الروس يعملون على أرض لبنان وسوريا، حيث أكدوا أن رادارات طائراتهم رصدت الأنظمة المضادة للصواريخ في مناطق يسيطر عليها حزب الله.
|
ويقول مراقبون إن مجرد الحديث عن صفقات الأسلحة الروسية مع إيران يعد شكلا من أشكال التهديد المبطن لدول الجوار الإيراني من جهة وابتزازا للغرب من جهة أخرى، وبالتالي فإن الولايات المتحدة وحليفتها إسرائيل ستحاولان دوما عرقلة مثل هذه الصفقات.
وفي حين ترى إسرائيل أن ذلك يمثل تهديدا لأمنها، تسعى واشنطن في منافستها على تجارة السلاح مع موسكو إلى الفوز بصفقات التسليح الإيراني، أما طهران فدورها المشبوه يتطلب المزيد من التسليح سواء كان أميركيا أو روسيا.
وبين السرعة التي تريدها إيران في تطبيع علاقاتها والتمهل الذي يريده الغرب، تكمن مصلحة روسيا الاستراتيجية، الأول يتمثل في الحيلولة دون تفاقم التوتر بين واشنطن وطهران، والثاني يتمثل في الحيلولة دون تحسن العلاقات الإيرانية الأميركية إلى حد التحالف الاستراتيجي، كما كان الحال في عصر الشاه.
وتبقى دول الشرق الأوسط باستثناء تركيا الرابح الأكبر إن تأكد إيقاف هذه الصفقة، إذ يرى محللون أن الخطوة ستتبعها خطوات روسية أخرى وربما تفرض موسكو شروطا على طهران لضمان عدم وصول أسلحتها للجماعات التي تدعمها طهران في المنطقة.
وفي خطاب أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في أكتوبر الماضي كشف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن تفاصيل جديدة بشأن تراكم أسلحة حزب الله بدعم من إيران وسوريا.
وقال حينها إن “صواريخ مضادة للطائرات وصواريخ من طرازي “ايس” و“آل.إيه 22” وصواريخ أرض بحر من طراز ‘ايخونت’ تم تهريبها إلى حزب الله”.
ووفقا لتقارير أجنبية، هاجم سلاح الجو الإسرائيلي قواعد تابعة لحزب الله في لبنان، في أبريل الماضي، بحجة حصولها على أسلحة وصواريخ متطورة زادت من قدراتها على تهديد إسرائيل.
وكان وزير الدفاع الإيراني حسين دهقان قد زار منتصف الشهر الماضي العاصمة موسكو والتقى الرئيس الروسي وبحث معه موضوع تسليم طهران أنظمة صواريخ “أس 300″ الروسية، فيما زار وزير الدفاع الروسي سيرجي شويغو طهران في يناير الماضي.
وقد ظل الجانبان الروسي والإيراني، يتفاوضان بشأن التفاصيل الخاصة بأنظمة صواريخ منذ أن رفع بوتين حظرا حكوميا على تصديرها إلى إيران في أبريل الماضي، ما أثار حفيظة الغرب آنذاك.
وبوسع المنظومة المخصصة للدفاع المضاد للطائرات والدفاع المضاد للصواريخ، على حد سواء، اعتراض أنواع الصواريخ متوسطة المدى كافة الموجودة في العالم. ويمكّن للصواريخ الانطلاق بسرعة 4500 متر في الثانية، ويصل مداها إلى 250 كيلومتر، وتستطيع ضرب الأهداف المرتفعة والمنخفضة.
وتتحدث تقارير منذ إبرام إيران الاتفاق النووي مع الدول العظمى عن عزم طهران توقيع اتفاقية توريد مقاتلات سوخوي 30 إس.إم الروسية المتعددة المهام قبل انتهاء العام الجاري، وهي صفقة في حال نجحت وتم تنفيذها سيكون من شأنها رفع إمكانيات سلاح الجو الإيراني.
يذكر أن الحرس الثوري الإيراني أجرى بالتزامن مع هذا الكشف تجارب على صواريخ بالستية لإظهار “قوته الرادعة”، وذلك في تحد لعقوبات أميركية جديدة فرضت على البلاد مطلع العام بسبب برنامجها الصاروخي.
العرب