تنطلق الاثنين في جنيف مفاوضات غير مباشرة بين النظام السوري والمعارضة في مسعى لانهاء الحرب التي تدخل عامها السادس ، لكن الهوة لا تزال كبيرة جدا بين الطرفين رغم صمود هدنة ميدانية بينهما.
ودعت واشنطن وباريس الاحد الى مفاوضات “حقيقية” واتهمتا دمشق بمحاولة “حرف عملية التفاوض عن سكتها” من خلال السعي لان تستبع من التفاوض بحث مصير الرئيس السوري بشار الاسد الذي تطالب المعارضة وحلفاؤها برحيله.
وفي جنيف قال مبعوث الامم المتحدة لسوريا ستافان دي ميستورا مساء الاحد بعد “اجتماعات غير رسمية” مع وفدي النظام والمعارضة انه ليس هناك اتفاق حتى الان على جدول اعمال المفاوضات.
واكدت المعارضة السورية انها حضرت الى جنيف لبدء التفاوض حول هيئة الحكم الانتقالي وليس للانسحاب.
وقال سالم المسلط المتحدث باسم الهيئة العليا للمفاوضات التي تمثل ابرز مجموعات المعارضة مساء الاحد “جئنا الى جنيف لنبدأ المفاوضات في بحث هيئة الحكم الانتقالي ولم نأت لننسحب”.
واضاف “جئنا لنبحث الحل السياسي لرفع المعاناة عن الشعب السوري، ونتمنى ان يكون الطرف الاخر (النظام) جادا كما جئنا جادين”.
وتحولت الحرب في سوريا التي بدات في 15آذار/مارس 2011 بعد قمع دامي للنظام لمتظاهرين سلميين طالبوا بالديمقراطية والحرية، الى نزاع معقد تدخل فيه الكثير من الاطراف الاقليمية والدولية. وخلفت هذه الحرب اكثر من 270 الف قتيل ودفعت اكثر من نصف سكان سوريا الى مغادرة منازلهم، كما تسببت في ازمة هجرة كبيرة.
وبين نهاية كانون الثاني/يناير وبداية شباط/فبراير فشلت مباحثات سلام دعا اليها دي ميستورا بعد تنديد المعارضة بحملة عسكرية كبيرة للجيش السوري المدعوم من طيران الحليف الروسي، في شمال البلاد.
ظرف مختلف
لكن المفاوضات التي تبدا الاثنين بجنيف تعقد في ظرف مختلف جذريا اذ تترافق مع اتفاق لوقف الاعمال القتالية بين النظام والمعارضة.
وتضغط واشنطن وموسكو لانجاح المفاوضات، ومن اجل فتح الطريق امام ذلك رعتا اتفاق وقف الاعمال القتالية الساري منذ 27 شباط/فبراير الماضي ولا يزال صامدا رغم بعض الانتهاكات “المحدودة”.
وتمكنت الامم المتحدة وشركائها من ايصال المساعدة لنحو ربع مليون شخص يعيشون في مناطق محاصرة، وهو ما كانت تطالب به المعارضة.
وشدد الاميركيون والاوروبيون الاحد بباريس على اهمية احترام هذا الاتفاق ووصول المساعدة الانسانية لضمان مفاوضات “ذات مصداقية”.
وقال كيري ان “اي انتهاكات، وان كانت متقطعة، لاتفاق وقف الاعمال القتالية، يهدد العملية” السياسية داعيا مجددا موسكو وطهران ، حليفتا دمشق، الى استخدام نفوذهمها على النظام السوري لاحترام الهدنة.
في الاثناء اتهمت روسيا الاحد تركيا ب”التمدد” خارج حدودها مع سوريا مشددة مجددا على “ضرورة” اشراك الاكراد في مفاوضات السلام لتحاشي خطر تقسيم الاراضي السورية.
وقال وزير الخارجية سيرغي لافروف ان “تركيا ومع مطالبتها بعدم تعزيز مواقع الاكراد في سوريا، تتذرع بسيادتها لخلق نوع من +المناطق الامنية+ في الاراضي السورية”، وذلك في مقابلة مع محطة التفزيون “رين-تي في”.
واضاف “حسب معلوماتنا فان الاتراك يعززون مواقعهم على بعد مئات الامتار من الحدود داخل سوريا” مضيفا “انه تمدد زاحف”.
هيئة انتقالية
وستتطرق مفاوضات جنيف للمرة الاولى بشكل ملموس لمستقبل سوريا.
وقال سالم المسلط المتحدث باسم الهيئة العليا للمفاوضات الاحد “اننا نتطلع الى ان تبدأ المفاوضات غدا (الاثنين) ببحث هيئة الحكم الانتقالي التي تحمل كافة الصلاحيات بما فيها صلاحيات رئيس الجمهورية، والتي لا دور فيها، في هذه المرحلة وفي المرحلة القادمة، لاي مجرم اقترف الجرائم بحق الشعب السوري بمن فيهم (الرئيس السوري) بشار الاسد”.
لكن بالنسبة للنظام من غير الوارد بحث انتخابات رئاسية او مصير الرئيس الاسد الذي اعيد انتخابه في 2014 لولاية من سبع سنوات.
كما ان للنظام رؤية مختلفة للمرحلة الانتقالية حيث يعتبر ان الامر يتعلق بمجرد تحوير وزاري يؤدي الى تشكيل “حكومة وحدة” اي توسيع الحكومة لتضم معارضين لكن مع بقائها تحت سلطة الاسد كما ينص عليه الدستور السوري القائم.
واوضح وزير الخارجية السوري وليد المعلم ان الحكومة الجديدة الموسعة ستعين لجنة لصياغة دستور جديد او تعديل الدستور الحالي. ثم يتم عرض النص الجديد على استفتاء شعبي.
واعتبر جوشوا لانديس مدير دراسات الشرق الاوسط في جامعة اوكلاهوما ان الاجندا التي وضعتها الامم المتحدة لمفاوضات جنيف “ليست واقعية، لان (الرئيس بشار) الاسد بات اقوى من اي وقت مضى ولن يتخلى عن منصبه”.
ومن ناحية اخرى فانه حتى اذا حصل اتفاق بين النظام والمعارضة في جنيف، فان المعارك ستستمر في سوريا التي تسيطر جبهة النصرة (فرع القاعدة) و”تنظيم الدولة الاسلامية” على اكثر من نصف اراضيها، والتنظيمان مستبعدان من الهدنة القائمة.
إيلاف