الجمعة ، 5 فبراير 2016 ، الساعة 9:03 بتوقيت مكة المكرمة
الرئيسية / مقالات / قناة الجزيرة، أهذا وقت الطعن؟

قناة الجزيرة، أهذا وقت الطعن؟

علي الأمين السويد

علي الأمين السويد

بقلم علي الأمين السويد

الجزيرة قناة الرأي والرأي الاخر شعار عملت قناة الجزيرة على تحقيقه من خلال مهنية اعلامية عالية جعلتها تتبوء مكانة عالمية لا يمكن تجازوها او تقزيمها حتى اصبحت سوطاً يجلد الديكتاتوريات الدولية و المماراسات المدمرة لحقوق الانسان اينما وجد.

ولقد عملت الجزيرة بحياديتها عند انطلاقتها و على مسافة زمنية تجاوزت العقد و نيف من الزمن على الظهور و كأنها تناصر المستضعفين في الأرض بحكم أن المستضعف يحتاج لإظهار حقه حتى يُسمع صوته و يُنتصر لقضيته.

و من المنصف القول بأن حيادية مكّن قناة الجزيرة ـــ بحكم حياديتها و مهنيتها ــ أن تغدو صوتا غرد عاليا في فضاء الإعلام العالمي مدافعا عن قضايا الشعوب والمظلومين حيث غطت عيونها الساهرة وأقلامها المستنيرة معظم مايجري على سطح الارض من أحداث وتطورات فكانت الشاشة الافضل لمتابعيها الذين بلغوا عشرات الملايين .

وكان لها السبق والفضل على مستوى الاعلام العربي بنشر ثقافة الوعي بقضايا البلاد العربية والاسلامية حتى صار صوتها مرعباً “اعلامياً” و “مشوشاً” على توجهات اعلام الديكتاتوريات في المنطقة العربية تحديداً.

ولكن دوام الحال على مايبدو من المحال

فبحكم وجود قناة الجزيرة في بلد عربي فيه كل شاردة وواردة محكومة للقرار السياسي الذي يتبدل حسب رؤية الحاكم لم تتمكن للأسف من الحفاظ على خطها الاعلامي المهني بنفس زخم انطلاقتها الذي تم القضاء عليه مع تغير رأس الحكم في دولة قطر ، و لكي لا نُتهم بالجزم بأن التغيير في نهج القناة الاعلامي من اعلامي مهني الى اعلامي يسعى للتدخل في سير أحداث المنطقة و كأنها دولة تسعى لتحقيق مصالحها في اي بقعة في العالم نقول بأن المتابع بدأ يلمس بشكل مادي بان التحول في الخط الاعلامي لقناة الجزيرة ترافق تماما مع انتقال السلطة في دولة قطر.

كما يدعم هذا التوجه في التحليل ما تسرب عن صراعات داخل البيت القطري جعلت من الامير الوالد و المدير العام للقناة في جهة و الامير الجديد و مدير قناة الجزيرة الأخير و بعض مستشاريه العرب و المحليين في جهة أخرى.

قناة الجزيرة الجديدة و الثورة السورية

لقد انقلبت قناة الجزيرة على مبادئها المعلنة فيما يخص نقل احداث المشهد السوري مع تبدل شخص حاكم دولة قطر الشقيقة.

فللاسف لم يعد خافيا على المراقبين للساحة الاعلامية خبرة إنحياز قناة الجزيرة في السنة الاخيرة الى تبني ايديولوجيات ذات طابع متطرف و محارب عالمياً مما يثير كماً هائلاً من التساؤلات عن الهدف و الغاية من انتهاج هكذا خط مؤسف.

وقد ظهر هذا التوجه المؤسف من خلال العمل على تلميع عمليات القاعدة و داعش في المنطقة مهما كانت هذه العمليات مشكوك في أمرها و مهما كانت لا تخدم مسار الثورة السورية و اغفال دور الفصائل التي تتبنى مبادئ الثورة و تهميشه اعلامياً و حتى شيطنته من خلال تبني بعض المصطلحات التي يدندن عليها كلا من النظام الأسدي و تلك التنظيمات المتطرفة.

ولإظهار المطبات القاتلة التي سقطت فيها قناة الجزيرة فيما يخص الثورة السورية تحديداً بعيداً عن سلوكها الاعلامي في مناطق ساخنة اخرى، سأورد فيما يلي صوراً مقلقة للغاية تتبنى الجزيرة رسمها عمداً لتتوافق مع سياسة تحاك خلف الكواليس.

ففي الفترة الأخيرة دأبت الجزيرة على دعم اتجاهات وفصائل راديكالية شديدة التطرف كداعش و القاعدة واسقاط آخرين وتشويهها و شيطنتها للفصائل المعتدلة للدفع بإتجاه يتناسب مع توجهات القرار السياسي القطري المتبدل.

وهذا ماتجلى من خلال ترويجها لاصحاب الغلو والتطرف وانحيازها المطلق لتنظيم القاعدة والترويج له مع إستلام “ادارتها الجديدة” التي نسفت بعرض الحائط تاريخ القناة المشرف وعملت على التضليل وقلب الحقائق والتسويق الرخيص لتنظيم القاعدة المصنف ارهابيا على مستوى العالم وكان ذلك على حساب فصائل الجيش الحر وكان من أكثر هذه الفصائل التي نالها التشويه والطعن هو جيش الاسلام و قائده الشيخ زهران علوش.

حقــــائق موثــــقة

  1. قامت قناة الجزيرة بإجراء سبق صحفي وذلك بلقاء ما يسمى زعيم تنظيم جبهة النصرة قاعدة الجهاد في بلاد الشام المدعو ابو محمد الجولاني ثلاث مرات على مدى فترات زمنية مختلفة. و للأمانة نقول بأن من حق اي قناة اعامية اجراء مقابلات مع اية شخصية في العالم، و لكن ما ننكره هو تبدل نفس اجراء الحوار المعهود مع زعيم تنظيم القاعدة ليتجه نحو تقديس متطرف كان واضحاً أن وجوده سيجلب التدخلات الدولية و هذا ما ثبت الآن ببدء الغزو الروسي و الدولي لسورية فقط للدفاع عن النظام بحجة وجود التنظيمات الارهابية والتي يقود الجولاني احدها في سورية. و من الملاحظ في طيات اللقاء مع الجولاني ان الجزيرة حاولت تثبيت أن القاعدة “البطلة” هي من اسقط طائرة الهليوكبتر و هي من اسرت طاقمها. و الحقيقة هي ان الطائرة تعرضت لعطل فني جعلها تهبط في منطقة عمل الفرقة 101 حيث قام عناصر الفرقة بإلقاء القبض على الطاقم. و بطريقة ما لا تخلوا من الحيلة استطاعت القاعدة اختطاف الاسرى من الفرقة 101 وتصوير هبوط الطائرة على انه عملية اسقاط تبنتها جبهة النصرة والقت بموجبها القبض على الطاقم. و من الجدير ذكره أن نصف طاقم الطائرة بمن فيهم الطيار استطاعوا الفرار بحياتهم من سجون جبهة النصرة لاحقاً. كيف؟ هذه لا يعلمها إلا الله!
  1. عملت قناة الجزيرة على تقزيم النهج الثوري و تحييد الأعمال البطولية لتنظيم داعش عندما قام برنامج الاتجاه المعاكس بإجراء حوار غير متكافئ بين عضو مجلس قيادة الثورة السورية من جهة و بين مناصر عراقي لتنظيم داعش. و يلاحظ أن إدارة البرنامج حاصرت ممثل مجلس قيادة الثورة السورية بالنقاط التالية:
  1. تعرض ممثل المجلس لإهانات لفظية متكررة و لم يكلف نفسه مدير الحوار الطلب من مناصر داعش الكف عن شخصنة الصراع و الحوار.
  1. جعل ممقل داعش يوجه رسالة مطولة يحض فيها على دعم داعش خارجاً عن موضوع الحلقة و الحوار.
  1. مكن مدير الحوار مع احترامنا له و الذي يبدو أنه كان مرغماً لا بطلاً، احد مناصري داعش عبر الهاتف من الهجوم على الثورة السورية و على شخوصها دون أن يفسح المجال مسبقاً لاحد مناصري الثورة السورية من اخذ دور مقابل في اجراء اتصال مباشر مع البرنامج.
  1. و كان مما فعلته قناة الجزيرة لاحقاً أنها نسبت ماقام به جيش الاسلام في معركة “الله غالب” من بطولات على أبواب دمشق لجيش الفتح المحسوب دوليا على القاعدة التي هي غير متواجد أصلا في مناطق عمل جيش الاسلام أصلاً.
  2. و من الثابت أن قناة الجزيرة قد نشرت زوراً في وقت سابق أن جيش الاسلام “اختطف” وزير العدل السوري و جاء الخبر بالصيغة التالية: “تنظيم جيش الاسلام يعلن اختطاف وزير العدل السوري” حيث يلاحظ استخدام وصف جيش الاسلام بمفردة “تنظيم” مما يذكر بــ “تنظيم القاعدة المتطرف” بدلاً من مفردة “جيش” وهي المفردة التي يستعملها جيش الاسلام ليصف نفسه و هي ذات المفردة التي يعرفها السوريين وحتى النظام في اعلامه يشير الى جيش الاسلام بــ جيش الاسلام و لا يذكر مفردة تنظيم. كما أن استخدام مفردة “خطف” يوحي بأن جيش الاسلام عبارة عن عصابة وليس جيشاً يسعى لرفع الظلم عن مواطنيه. و عندما قوبلت الجزيرة بكذب خبرها بررت بأنها اعتمدت على رسالة على “وتس أب” من مصدر مجهول. هل يغفر لقناة عالمية ايرادها خبراً خاطئاً تبريرها بأنها اعتمدت على رسالة نصية من مجهول عبر برنامج تواصل اجتماعي؟
  1. طبلت الجزيرة وزمرت لاعتقال الناشط أنس الخولي حتى غدا خبرها الاول في نشراتها الاخبارية في الاول من حزيران رغم إهمال الادارة الجديدة لقناة الجزيرة كل النشطاء والاعلاميين وأولهم أنس الخولي ! ولم نرى أي مراسل منها يتصدى لشرح معاناة الشعب السوري على شاشتها بعد أن صارت تنافس “المنارة البيضاء” وكأنها الواجهة الإعلامية للقاعدة وأصبح ضيفها المقدم علي شاشتها السعودي المدعو عبدالله المحيسني وأمثاله !
  1. أذاعت الجزيرة وكتبت على موقعها الرئيسي وغرد مديرها العام ياسر أبو هلالة أن جهات مسلحة اعتقلت والدة مراسلة الجزيرة وأن “تنظيم” جيش الاسلام هو من أجبر مراسلة الجزيرة سمارة القوتلي على تغيير مكان إقامتها رغم نفي جيش الاسلام وبشكل رسمي لكل ذلك الاتهامات بالرغم من إعلان الجهات القضائية في الغوطة بأنها هي من يعتقل والدة المراسلة المذكورة.

وقام مدير القناة بالتغريد على موقعه الشخصي على تويتر بهذا الخبر

5

 ولم تنفع كل الردود التي أوردها جيش الاسلام على ألسنة مسؤوليه في تبيان ان جيش الاسلام لم يكن مسؤولا عن هذا الاعتقال كما يظهر في تغريدة المتحدث الرسمي لجيش الاسلام النقيب اسلام علوش:

4

حتى أن قيادة شرطة منطقة الغوطة ردت على إدعاءات قناة الجزيرة من خلال حسابها الرسمي على الفيس بوك بالشكل التالي:1

  و اضطر جيش الاسلام لاصدار هذا البيان الذي يعتب فيه علي قناة الجزيرة و يبين عدم صحة المعلومات:

2

فلم تكف كل تلك التوضيحات قناة الجزيرة لتصديرها الخبر فأصدر جيش الاسلام البيان الثاني التالي:

3أَسَفٌ و عتب على قناة الجزيرة

 السؤال الذي يطرح نفسه هنا: هل هي هذه قناة الجزيرة التي عهدناها صوت للحق ومنبرا حرا يشار اليه بالبنان ؟

هل تحولت الجزيرة الى قناة الرأي الواحد المتطرف ؟

هل تحولت الى قناة للتضليل وتسويد وجه الحقيقة ؟

ماذا دهى سياسة قناة الجزيرة وأصحاب الاقلام الحرة ؟

يبدو أن هناك من أراد للجزيرة أن تكون على غير ماأراد لها روادها الاوائل منبراً للدفاع الحيادي عن الحقوق العامة.

هل أن ما تسرب عن فساد ومحسوبيات وارتهان الادارة الجديدة للجزيرة لجهات تريد حرف مسار الجزيرة عن دورها الرائد قد أصبح واقعا؟

 إننا نربأ بقناة الجزيرة أن تهوي الى هذا المستوى من الاسفاف والدونية في التعاطي مع الوقائع والاحداث بهذه الطريقة المزرية مبتعدة عن الانتصار للحرية وقضايا الشعوب الباحثة عن الحق والعدل .

وحقيقة ان ما نسعى اليه هو عودة هذه القناة العالمية الى مهنيتها الإعلامية التي نشأت عليها و التي تنصر المظلومين بحياديتها و مهنيتها الاعلامية.

الآراء الواردة  في  موقع الشبكة لاتعبر بالضرورة  عن رأي او سياسة شبكة سوريا مباشر

Print Friendly

اضف رد