الإثنين ، 1 فبراير 2016 ، الساعة 8:13 بتوقيت مكة المكرمة
الرئيسية / أخبار أخرى / ذبحوا عائلتي أمامي …

ذبحوا عائلتي أمامي …

مجازر السلاح الابيض

ريم عبد الكافي: سوريا مباشر

هل يمكن للإنسان أن يشفى من ذاكرته، أن ينسى لحظات الألم الرهيب، أم أننا في زمن لا وجود للسعادة فيه، وحدها الدموع ستظل تسقي فواجعنا، تزرع اليأس أشواكا في دروبنا، وتتركنا هياكل بدون أحلام، لأننا نعيش في أوطان احترفت قتل أحلامنا، تحطيم كل شيء جميل انتظرناه.

لست كباقي الأطفال، ليس لأني من عائلة فقيرة، وما أكثرهم في وطني، تعودت أن أعود من المدرسة لأقوم بواجباتي، ثم أهرع لأساعد والدي في بيع الفول على عربة خشبية قديمة، وليس لأني تعودت القلة في كل شيء، كنت أرى العلم السبيل الوحيد لأخلص عائلتي من ضيق العيش، أحلم أن أصبح طبيبا مشهورا، وسأشتري لأخوتي وأبي وأمي كل ما يحلمون به، لم أكن أعلم أني سأشهد نحرهم أمامي، وأني سأبقى دون عائلة.

مع اندلاع الثورة كانت الشبيحة من الأحياء الموالية تقتحم حينا، وتعيث فيه خرابا، تسرق المحلات، وتعتقل الشباب، حتى أنهم حطموا عربة الفول مصدر رزقنا الوحيد بعد أن ضربوا أبي وأهانوه. ومع دخول الثورة عهد الصراع المسلح، اقتحم الشبيحة الحي، برفقة ميلشيات جاءت من كل حدب وصوب. كنا نسمع صراخ النساء والأطفال لشدة الخوف ،سمعنا الرجال تصرخ :من يستطيع الهرب فليهرب إنهم يذبحون الناس بالسكاكين !، شعرت كأن القيامة قد قامت ،وان القلوب بلغت الحناجر جمدت الدموع في عيون أمي ،احتضنتنا بقوة ،أبي يدور حول نفسه يتمتم كمن فقد عقله ،شعرت بصعوبة في التنفس ،كنت أستطيع سماع دقات قلوبهم تكاد تخرج من مكانها ،عندها بدأ الطرق على بابنا بشكل جنوني ،لم اعي إلا أني ركضت إلى خزانة صغيرة في زاوية الغرفة ،اختبأت فيها كانت الدموع تتجمع في عيني دون أن تتساقط خوفا أن يسمع صوت سقوطهما ،وضعت كفي على وجهي وحبست أنفاسي ، لقد رأيتهم يذبحونهم كالنعاج الواحد تلو الأخر أمي أبي أخوتي ،غبت عن الوعي لا أعلم لكم من الوقت ،حتى اقتحم الثوار الحي ووجدوني في الخزانة كان أحدهم يصرخ  : : إنه حي ، شعرت أني عدت من الموت ،كنت أصرخ أريد أمي أريد أمي ولكنها رحلت ورحلت معها عائلتي ،رحلت ضحكاتنا ،رحلت حكايات أبي قبل النوم ،رحلت أختي عائشة تمنيت لو أني أعطيتها الحقيبة التي أهدتني إياها المعلمة لتفوقي ، فقد كانت تحلم أن تمتلك مثلها ،رحل أخي طارق ورحلت ضحكاته الجميلة التي تملأ البيت ،رحلت ذكرياتنا التي حفظتها جدران بيتنا ، رحلت أحلامنا ، رحلت السعادة ،وبقيت وحيدا ،سأحمل السلاح لأقتل من قتلوا عائلتي ،إنهم وحوش الأرض ،في زمن الخداع والعهر ، لن أسامح ،سأصرخ في وجه الظالمين ،أنتم من صنعتم مني وحشا ، عندما حطمتم إنسانيتي ،سأثأر ولو بعد حين .

Print Friendly

اضف رد