مصطفى محمد – عنتاب
في سوق “الشارشي” في مدينة غازي عنتاب التركية، يبهرك لمعان الذهب المعروض خلف واجهات زجاجية منارة بعناية، لكن ما إن تدخل أحد المحال السورية حتى ينتابك شعور بالحنين لرائحة العابرين السوريين، فهنا كانت محطتهم الأخيرة قبل التوجه إلى البلدان الأوروبية.
“لدينا ذهب مستعمل ونظيف”، ولماذا باعوه إذن، يضحك الصائغ وهو يفرد القطع التي لديه، “يدفعون به ثمن التهريب، إلى البلدان الأوروبية”.
يحاول الصائغ جذب انتباهك إلى طوق يبدو وكأنه مصنوع للتو، “انظر إلى هذا فهو /أخو الجديد/، كانت صاحبته تحرص على عدم ارتداءه بكثرة، كانت ترتديه عند ذهابها إلى حفلات الأعراس فقط”، ويضيف صاحب محل “حجي ادريس ومظلوم” للمجوهرات لـ”اقتصاد”، “لقد كان الحزن بادياً على وجهها عندما باعته لي، ولكنها كما قالت لي، كانت مضطرة لبيعه بسبب رغبة زوجها في الهجرة”.
وتنخفض أجور الصياغة لدى شراء الذهب المستعمل عن الجديد بحوالي 2.5 ليرة تركي للغرام الواحد، وهو ما يشكل برأي الصائغ عامل جذب للإقبال على شراء الذهب المستعمل.
وبحسب الصائغ فإن نسبة الزبائن السوريين الذين يأتون إليه للبيع أكبر بكثير من نسبة الزبائن المشترين، موضحاً ذلك بالقول “طول عمر الأزمة السورية، وعدم وجود بشائر قريبة على نهايتها، يدفع بالسوريين اللاجئين الذين يعانون من ضائقة اقتصادية، للتوجه إلى البلدان الأوروبية، ولذلك يبيعون كل شيء بحوزتهم، حتى يؤمنوا المبالغ المالية التي تلزمهم في رحلتهم الطويلة والمكلفة إلى بلدان اللجوء”.
بدوره يعيدنا صائغ سوري آخر خلال حديثه لـ”اقتصاد”، إلى فترة تزيد عن ثلاثة أعوام بالقول، “حين بدأت العمل هنا، لم تكن حركة شرائنا للذهب المستعمل بهذا الزخم، لكن هذه الوتيرة ارتفعت بشكل تدريجي”، مشيراً إلى اضطرار البعض لبيع ما بحوزته من الذهب لتأمين المصروف اليومي، وليس بالضرورة لدواعي السفر.
اقتصاد مال و أعمال السوريين