ريم عبدالكافي – سوريا مباشر
في دوما أقسم لي شيخ كبير، أنه أثناء إلقاء إحدى البراميل المتفجرة على المدينة المنكوبة، هرع من بيته ليساعد قدر استطاعته، قال كنت أحث الخطا نحو المكان وحين وصلت شاهدت شابا خرج من بين الركام، يحمل طفلان قد تدلى رأسيهما، وهو يصرخ : “هدول ولادي ياعالم هدول ولادي “.
كانت دموعه على غزارتها تتبخر على صفيح قلبه الذي أصبح كالجمر، يقول أبو خالد لهول المنظر حيث كانت الأعضاء البشرية في كل مكان، شعرت كأن الدنيا تدور من حولي، فاتكأت على حائط بقي منه بضع حجارة صامدة، وشجرة ياسمين معمرة، عمرها بعمر الشام العتيقة تتدلى منها، أحسست بقطرات من الماء تتساقط على وجهي، مسحت عيناي بيدي، ظننت أنهما تذرفان الدمع دون أن أدري، ولكن لا، نظرت إلى أعلى، كانت أزهار الياسمين تقطر دمعا.
ارتجف قلبي، إنه ياسمين الشام يبكي، يشارك أهله حزنهم وفواجعهم ، قال لي الشيخ أعلم أنكم لن تصدقونني، وستقولون شيخ خرف بلغ من الكبر عتيا، ولكني صدقته فالهول المصاب كل شيء بات يبكي، حتى الجماد يبكي، لقسوة البشر يبكي، لقهر الرجال يبكي، لطفولة طمرت تحت الركام وعيناها تحلمان بغد جميل يبكي، لثكلى تبحث عن ولدها للتو كانت تناديه يبكي، حتى جثث أحبائهم طمرت تحت الركام، ضنت عليهم بنظرة الوداع الأخيرة ، أي بخل هذا وأي جبروت هو طاغوت الإنسان حين يطغى .
رحماك يالله بالشام وأهلها..