قالت مصادر سعودية مطّلعة إن وزير الخارجية الأميركي جون كيري حرص على تقديم صورة تفصيلية عن خطة للحل السياسي في سوريا والتي تحظى بدعم أميركي وروسي، وقدم استفسارات للمسؤولين السعوديين عن خطة السيطرة على المناطق المحررة في اليمن بما يضمن عدم سيطرة القاعدة وداعش عليها.
وأكد مصدر خليجي مقرب من أصحاب القرار لـ”العرب”، وجود محاولات لإيجاد حل في كل من سوريا واليمن في توقيت متقارب كما لو أن هناك تفاهمات دولية “أميركية روسية” حول الموضوع.
ويتم الآن وضع اللمسات الإقليمية لإنجاز هذا التفاهم كي يهيئ الظروف الداخلية في كل من سوريا واليمن لمناخ يشجع الفرقاء على التزامهم بالتوافقات الإقليمية والدولية.
ويرى المصدر أن زيارة كيري إلى السعودية تأتي لطمأنة المسؤولين في الرياض قبل اجتماع باريس، بأن التفاهم الروسي الأميركي وصل إلى مرحلة تلبي مطالب دول الخليج بدرجة كبيرة سواء في تقليص النفوذ الإيراني في سوريا والموقف من مستقبل الرئيس السوري بشار الأسد.
واعتبر الباحث السياسي السعودي سلمان الأنصاري أن ثلاثة أسباب تقف وراء زيارة كيري للسعودية، أولها لإثبات وقوف واشنطن في صف الرياض في ما يتعلق بمواجهة التهديدات الإيرانية، وثانيها طمأنتها بخصوص آخر تطورات تنفيذ بنود الاتفاق النووي مع إيران. وعزا السبب الثالث إلى وجود ضغوط داخلية كبيرة على الإدارة الأميركية من طرف السلطة التشريعية (الكونغرس) خصوصا من شقها الجمهوري في ما يتعلق بأهمية إرجاع الثقة للحلفاء الاستراتيجيين وعلى رأسهم دول الخليج.
وعبر الأنصاري في تصريح لـ”العرب” عن اعتقاده بأن القيادة السعودية ستكون واضحة جدا في مطالبها وبأنها لن تكتفي بالعبارات التطمينية، بل ستطالب بأمور رئيسية. أولها أن تكون السعودية ودول الخليج على اطلاع كامل بما يدور في موضوع تنفيذ الاتفاق النووي خصوصا أنه كانت هناك تقارير تدل على إخفاء إيران لبعض معداتها وأنها عملت على مشاريع تضليل استخباراتية في بعض مفاعلاتها النووية.
|
وأضاف أن الرياض ستطلب من واشنطن أن يوضح المسؤولون الأميركيون حجم جهودهم بالتفصيل في ما يتعلق بمكافحة إرهاب الميليشيات الإيرانية سواء في العراق أو سوريا أو حتى في اليمن.
وتدفع السعودية إلى أن يكون من بنود الحل دعوة القوات الأجنبية الموجودة في سوريا إلى الانسحاب، وألا يقف الأمر عند طرد المقاتلين الأجانب المرتبطين بداعش وجبهة النصرة، وأن يتضمن ذلك دعوة صريحة إلى انسحاب الآلاف من عناصر الحرس الثوري الإيراني وميليشيات حزب الله اللبناني وعصائب أهل الحق العراقية والميليشيات الباكستانية والأفغانية.
ووجدت الولايات المتحدة نفسها في إحراج كبير خاصة بعد التصريحات المستفزة لمسؤولين إيرانيين حول التجارب الصاروخية، والزعم أن ذلك لا يتناقض مع الاتفاق النووي.
وأكدت هذه التجارب أن تخوفات دول الخليج كانت في محلها، وأن إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما لم تكن تفهم إلى حد كبير طبيعة النظام في إيران وقدرته على المراوغة والتراجع عن أي تعهدات.
وأثارت سلسلة من التجارب على صواريخ باليستية أجراها الحرس الثوري الإيراني هذا الأسبوع قلقا دوليا. وقالت الولايات المتحدة وفرنسا ودول أخرى إن هذه الأنباء إذا تأكدت ستمثل انتهاكا لقرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.
وعرف الملفان اليمني والسوري في الأيام الأخيرة مؤشرات لافتة إلى وجود رغبة إقليمية ودولية في الدفع نحو حل سياسي متزامن.
وكانت الخطوة الأبرز هي زيارة وفد من الحوثيين إلى السعودية من أجل التفاوض حول حل سياسي، ثم مطالبة مسؤول حوثي بارز إيران برفع يدها عن الملف اليمني، وهو موقف قوبل بترحيب سعودي، وكشف عن تحركات ووساطات سابقة للدفع نحو وقف الحرب والاحتكام للقرار الأممي 2216.
ومن الواضح أن هذه الانفراجة في الملف اليمني لم تكن بمعزل عن تفهم أميركي روسي لمطالب السعودية ودول الخليج في الدفاع عن أمنها الإقليمي، وهو ما يتبدى أكثر في الملف السوري، حيث تصدر تأكيدات مختلفة على أن الحل سيراعي مصالح الرياض، ولن يترك سوريا مجالا خصبا لتحركات إيران وميليشياتها وأنه سيقطع الطريق كذلك أمام رغبة تركيا في التمدد داخل المجتمع السوري.
وبدد كيري الخميس في مقابلة مع قناة كندية مخاوف دول الخليج من وجود خطط لتقسيم سوريا إلى دويلات لاعتبارات طائفية أو عرقية، نافيا أن يكون قد تحدث عن خطة (ب) تتضمن أي تفكير في تقسيم سوريا حال فشل الحل السياسي، متعهدا بـ”الحفاظ على سوريا موحدة وعلمانية مع حماية الأقليات”.
لكنه لم ينف رغبة بلاده في الدفع نحو تغيير الأسد. وقال “الأسد لا يمكنه البقاء رئيسا، وهذه هي الفكرة الكامنة وراء مفاوضات جنيف”، وأن هناك ضرورة لأن يستبدل الأسد بحكومة انتقالية.
العرب